السبت، 22 يوليو 2017

سلسلة شرح الحكم العطائية.. الحكمة رقم " 47 “

سلسلة شرح الحكم العطائية.. الحكمة رقم " 47 “:

"لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه, لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره, فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة, ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور, ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور { وماذلك على الله بعزيز }” 20 “ إبراهيم.

أي: لا تترك - أيها المريد - الذكر الذي هو منشور الولاية لعدم حضور قلبك مع
الله فيه لاشتغاله بالأعراض الدنيوية, بل اذكره على كل حال, لأن غفلتك عن وجود ذكره بأن تتركه بالكلية أشد من غفلتك في وجود ذكره لأنك في هذه الحالة حركت به لسانك وإن كان قلبك غافلا عن المذكور. فعسى أن يرفعك أي يرقيك بفضله من ذكر مع وجود غفلة عنه إلى ذكر مع وجود يقظة أي تيقظ قلب لما يناسب حضرته من الآداب, ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور في حضرة الاقتراب, ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور, فتفنى حتى عن الذكر. وفي هذا المقام ينقطع ذكر اللسان ويكون العبد محوا في وجود العيان. كما قال بعض أهل هذا المقام:

ما أن ذكرتك إلا هم يقتلني ** سري وقلبي وروحي عند ذكراكا

حتى كأن رقيبا منك يهتف بي ** إياك ويحك والتذكار إياكا

أما ترى الحق قد لاحت شواهده ** وواصل الكل من معناه معناكا

وإذا صدر ذكر اللسان في هذا المقام فإنه يخرج من غير قصد ولا تدبر, بل يكون
الحق المبين لسانه الذي ينطق به, لأن صاحبه في مقام الحب المشار إليه بالحديث : " لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به " إلى آخر الحديث وهذه المراقي لا يعرف حقيقتها إلا السالكون.. فقابلها بالتسليم أن لم تكن من أهلها { ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون }” 18 “ الجاثية.
وخذ في الأسباب يرتفع عنك الحجاب { وما ذلك على الله بعزيز }” 20 “ إبراهيم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق