الثلاثاء، 24 مايو 2016

الشاكرات وتأثيرها في جسم الانسان...



ما هي الشاكرات وتأثيرها في جسم الإنسان ؟
الشاكرات أو Chakras هي مفهوم يعبر عن مراكز الطاقة السبعة في جسم الإنسان والتي تتحكم في حالته النفسية والجسمانية والروحانية . 
هناك أهمية كبيرة في معرفة الشاكرات الموجودة بداخل كلا منا وكيف يمكن التأثير عليها وتنشيطها لإمداد الجسم بالطاقة الإيجابية المتزنة، مما يضمن اسلوب حياة أفضل . 
كما ذكرنا، فهناك سبع شاكرات بداخل كل إنسان، وتقسم هذه الشاكرات لقسمين، شاكرات ذات أرقام فردية وأخرى ذات أرقام زوجية .
تهتم الشاكرات الفردية بالطاقة الخارجة من الجسم للعالم المحيط وهي خصال ذكورية مثل إظهار القدرات، الرغبات، التحكمات النابعة من الفرد لكل ما حوله. 
أما الشاكرات الزوجية فهي تهتم بالطاقة الكامنة والداخلة للإنسان من البيئة المحيطة وهي خصال أنثوية مثل الشعور بالطمأنينة، الهدوء، التفتح، الحكمة .
لنتعرف على السبع شاكرات، أماكنها في الجسم والطرق المختلفة لتفعيل كلا منها .
١- الشاكرا الجذر أو القاعدة (Root Chakra):
يُرمز إليها باللون الأحمر وتقع في نهاية العمود الفقري وهي تمثل أساس الإنسان والمسئولة عن الشعور بالأمان والثبات من الجانب المعنوي أما من الجانب المادي فهي تحقق أكبر إستفادة من أساسيات المعيشة مثل المال والطعام . 
تنشط شاكرا الجذر عند تناول الأطعمة ذات اللون الأحمر مثل التفاح، التوابل الحارة، الخضروات المزروعة داخل الأرض مثل البطاطس والجزر وأيضا البروتينات الحيوانية .
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عدة تمرينات :
- خبط قدميك الحافيتين على الأرض.
- نوع من أنواع رياضة اليوجا (Kundalini Yoga).
٢- شاكرا العجز (Sacral Chakra):
يُرمز إليها باللون البرتقالي وتقع أسفل السرّة بخمس سنتيمترات وخمس سنتيمترات للداخل. شاكرا العجز هي المسئولة عن الرغبة الجنسية لدى الإنسان، القدرة على الإبداع وتقبُّل التغيير. 
تنشط هذه الشاكرا عند تناول الأطعمة ذات اللون البرتقالي مثل البرتقال واليوسفي بالإضافة إلى جميع أنواع المكسرات .
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عدة تمرينات :
- الحركات الترددية لمنطقة الحوض.
- وضعية الكوبرا ضمن تمرينات اليوجا.
٣- شاكرا الظفيرة الشمسية (Solar Plexus Chakra):
يُرمز إليها باللون الأصفر وتقع في منطقة المعدة أعلى البطن وهي المسئولة عن الشعور بالثقة بالنفس وقدرة الإنسان على التحكم في مسار حياته. تنشط شاكرا الظفيرة الشمسية عند تناول الأطعمة ذات اللون الأصفر مثل الذرة، الألياف مثل حبوب القمح الكاملة والغرانولا، بالإضافة للمشروبات الطبيعية مثل شاي البابونج (شاي الكاموميل) والنعناع.
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عدة تمرينات:
- نوع من أنواع رياضة اليوجا (Kundalini Yoga).
- وضعية المركب ضمن تمرينات اليوجا.
- تمارين مثل الرقص للمرونة وفك الشاكرات بسلاسة.
٤- شاكرا القلب (Heart Chakra):
يُرمز إليها باللون الأخضر وتقع فوق القلب مباشرة في منتصف الشاكرات ويمثل رقم ٤ التوازن همزة الوصل بين الثلاث شاكرات السفلية (عالم الحاسة) والثلاث شاكرات العلوية (عالم العقل). شاكرا القلب هي المسئولة عن الحب بشكل عام، فهي تتحكم في قدرة وقوة الحب في حياة الإنسان، الشعور بالفرح والسلام الداخلي. تنشط هذه الشاكرا عند تناول الأطعمة ذات اللون الأخضر مثل الخضروات الورقية والسبانخ وعند شرب الشاي الأخضر.
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عمل التمرينات الخاصة بنوع من أنواع رياضة اليوجا (Bikram Yoga - Hot Yoga).
ولكن أفضل طريقة لتفعيل شاكرا القلب تكون عن طريق حب الله ورسوله وحب الذات ومراعاتها والأخرين من حولكم .
٥- شاكرا الحنجرة (Throat Chakra):
يُرمز إليها باللون الأزرق التركواز وكما يتضح من اسمها، فهي توجد عند الحنجرة وهي المسئولة عن القدرة على التواصل مع الأخرين، الصراحة والتعبير عن النفس .
تنشط شاكرا الحنجرة عند تناول الفاكهة بشكل عام وشرب الشاي والعصائر الطبيعية .
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عدة تمرينات :
- وضعية الوقوف على الأكتاف.
- الغناء او المدح بالصوت .
- ترديد التراتيل والأناشيد والاوراد .
٦- شاكرا الحاجب أو العين الثالثة (Third Eye Chakra):
يُرمز إليها باللون النيلي وتتواجد في منطقة منتصف الجبهة بين العينين وهي المسئولة عن القدرة على التركيز، التخيل، التصور، الحكمة، التفكير والقدرة على اتخاذ القرارات.
تنشط شاكرا العين الثالثة عند تناول الأطعمة ذات اللون البنفسجي الداكن مثل العنب والتوت، الشوكولاتة والمشروبات والتوابل بنكهة اللفندر .
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عدة تمرينات :
- وضعية الطفل ضمن تمرينات اليوجا أو التمرينات التي تتطلب الإنحناء للأمام.
- تمرينات العين .
٧- شاكرا التاج (Crown Chakra):
قد يُرمز إليها البعض باللون البنفسجي ولكنها في الغالب يُرمز لها باللون الأبيض، وهو اللون الناتج عن خلط كافة الألوان معا وتقع هذه الشاكرا في أعلى الرأس. 
هذا بالطبع يعبر عن مدى أهمية شاكرا التاج فهي المسئولة عن الشعور بالجمال الداخلي والخارجي والتواصل الروحي.
لا يمكن تنشيط هذه الشاكرا بتناول الطعام فهي تعتمد بشكل أساسي على تنشيط الروح .
يمكن تفعيل طاقة هذه الشاكرا عن طريق عدة تمرينات :
- التأمل
- الجري 
- التنفس بطريقة صحيحة
- قراءة القرآن والاوراد
- الصلاة على الحبيب بشكل دائم

قصيدة أفراح النور لعبدالله شمس الدين


قصيدة أفراح النورُ
لغة ُالكلام ِكمَا رأيتَ على َفمِي َ** خجْلىْ ولولا الحُبُّ لم أتكلم ِ 
يا مَظهَــرَ التوحِيدْ حَسْبيْ أننيْ ** أحَــدُ الشُدَاةِ الهَائِمِينَ الحُوَّم ِ
ما حِيلــة الشعراءِ زادَ غِنائهُــمْ ** رَهَبَاً لدى هذا الجلال ِالأعظم ِ
إن الــذي سَـــوَّاكَ فــي ُقرآنِــهِ ** وَفاكَ وصفاً بالثناءِ الأكرم ِ 
يا نورُ يَــومَ وُلِدْتَ قامَتْ عِـزَّةٌ ** للأرض ِإذ أمْسَت لِنوركَ تنتمي
الكوكبُ الأرضِيُّ حِين َوطِئتهُ ** أمْسَىْ حَصَاهُ يَتِيهُ فوقَ الأنجُم
 ِ

طـوْعَاً لأحكام القضاء َخطىْ على ** هذا الثرى َخطوَ اليتيم المُعْدَم ِ
متجــرداً مــن كل جاـهٍ ظاهرٍ ** وبغير جَاهِ الله لم يَسْتَعْصِم ِ 
صلى الإلــهُ عليهِ نــوراً هادياً ** متعبداً في غارهِ لم يسئم ِ َ
هيْمَانَ تضرعُ للسمـاء دموعه ** في تِيْهِ مشتاق ووَجْدِ مُتَيَّم ِ 
يـا رب إليك تشَـوَّقــتْ روحي **  وحبك مُسْتَثارٌ في دمي 


حتى أتى الروح الأمين يَضمُّه ** ضمَّاً على رَهَبُوتِهِ المُتبَسِّم ِ 
إقـــرأ نبــيَّ الله إقــرأ وابتهــل ** وبذكر ربك يا نبيُّ ترنم ِ 
إقـــرأ وربــك مُلهِــمٌ سبحانــه ** قد علم الإنسان مالم يعلم ِ

 من روائع الشاعر : عبد الله شمس الدين

الاثنين، 23 مايو 2016

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (12)


سلسلة شرح الحكم العطائية

الحكمة رقم (12):
"ما نفع القلب شيء مثل عزلة، يدخل بهاا ميدان فكرة".
الشرح منقول من شرح الشيخ الشرنوبى بتصرف: (أي: ما نفع قلب المريد شيء من الأشياء المطهرة له من الغفلات مثل عزلة عن الخلق يدخل بها ميدان فكرة.. أي تفكر في مصنوعات بارئ الأرض والسماوات. وإضافة ميدان لفكرة من إضافة المشبه به للمشبه.. أي فكرة شبيهة بالميدان لتردد القلب فيها كتردد الخيل في الميدان. وفي الأثر: " تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ".. وذلك لأنه يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء.. وتزداد به معرفة الله.. ويطلع به المتفكر على خفايا آفات النفس ومكائد الشيطان وغرور الدنيا . والعزلة التي ينشأ عنها هذا الفكر أحد أركان الطريق الأربعة المجموعة في قول بعضهم:
(بيت الولاية قسمت أركانــه ** سادتنــا فيه من الأبــدال
ما بين صمت واعتزال دائم ** والجوع والسهر النزيه الغالي)
ويوضحها قول الإمام أحمد بن سهل:( أعداؤك أربعة: الدنيا وسلاحها الخلق وسجنها العزلة، والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع، والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر، والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت.)
واعلم أن الشأن في العزلة أن تكون بالقلب.. والقالب بأن يتباعد صاحبها عن الخلق. وقد تكون بالقلب فقط بأن يختلط بجسمه معهم مع تعلق قلبه بالحق كما قالت رابعة العدوية في مقام المشاهدة القلبية:
(ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ** وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجســم مني للجليــس مؤانس ** وحبي بقلبي في الفؤاد أنيسي))

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم(11)


سلسلة شرح الحكم العطائية


الحكمة رقم (11)

"ادفن وجودك في أرض الخمول، فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه".

الشرح: يقول الشيخ الشرنوبى: (أي ادفن أيها المريد نفسك - أي شهرتها - في الخمول الذي هو كالأرض للميت في التغطية التامة بأن لا تتعاطى أسباب الشهرة، فإن الخمول مما يعين على الإخلاص بخلاف حب الظهور فإنه من جملة القواطع القاصمة للظهور، فما نبت من الحَب مما لم يدفن في الأرض لا يتم نتاجه بل يخرج مصفرا. وكذلك أنت أيها المريد.. إذا تعاطيت أسباب الشهرة في بدايتك قل أن تفلح في نهايتك، ومن ثم قال رجل لبشر بن الحارث: " أوصني " فقال: " أخمل ذكرك وأطب مطعمك "، وقال بعضهم:" لا تصلح طريقتنا هذه إلا لأقوام كنست بأرواحهم المزابل "، وقال إبراهيم بن أدهم: " ما صدق الله من أحب الشهرة "، ولله در القائل: 
"عش خامل الذكر بين الناس وارض به ** فذاك أسلم في الدنيا وفي الدين
من عاشر الناس لم تسلم ديانته ** ولم يزل بين تحريك وتسكين "


 

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (10)


سلسلة شرح الحكم العطائية

الحكمة رقم (10) :
 "الأعمال : صور قائمة ، وأرواحها : وجود سر الإخلاص فيها".

الشرح : يقول الشيخ الشرنوبى : (يعني أن أعمال البر كصور قائمة أي أشباح... وأرواحها التي بها حياتها وجود سر الإخلاص أي: سر هو الإخلاص فيها ، فمن عمل عملا بلا إخلاص كان كمن أهدى جارية ميتة للأمير يبتغي بها الثواب وهو لا يستحق على ذلك إلا أنواع العقاب.. والمراد مطلق الإخلاص الشامل لأنواعه.. فإنه يختلف باختلاف الأشخاص ، فإخلاص العباد سلامة أعمالهم من الرياء الجلي والخفي وكل ما فيه حظ للنفس.. فلا يعملون العمل إلا لله تعالى طلبا للثواب وهربا من العقاب ، وإخلاص المحبين هو العمل لله إجلالا وتعظيما.. لأنه تعالى أهل لذلك لا لقصد شيء مما ذكر كما قالت رابعة العدوية:
"كلهم يعبدوك من خوف نار ** ويرون النجاة حظا جزيلا
أو بأن يسكنوا الجنان فيحظوا ** بقصور ويشربوا سلسبيلا
ليس لي بالجنان والنار حظ ** أنا لا أبتغي بحبي بديلا"
وأما إخلاص المقربين فهو شهودهم انفراد الحق بتحريكهم وتسكينهم مع
التبرؤ من الحول والقوة فلا يعملون إلا بالله ولا يرون لأنفسهم عملا.)

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (9)


 سلسلة شرح الحكم العطائية
الحكمة رقم (9):
"تنوعت أجناس الأعمال ، لتنوع واردات الأحوال".
الشرح : يقول الشيخ الشرنوبى : (أي اختلفت أجناس الأعمال الظاهرة لاختلاف الواردات التي هي الأحوال القائمة بالقلب فإن الواردات ما يرد على القلب من المعارف والأسرار والأعمال الظاهرة تابعة لأحوال القلب . لما في الحديث : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". (1)
فإذا ورد على القلب العلم بفضائل قيام الليل توجه إليه وآثره على غيره فتقوم به الجوارح . وكذلك الصدقة والصيام وباقي الأعمال.)
(1) رواه البخارى ومسلم عن النعمان بن بشير.

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (8)


سلسلة شرح الحكم العطائية
الحكمة رقم (8):
"إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها أن قل عملك، فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك !!، والأعمال أنت مهديها إليه !!، وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك ؟".
الشرح: يقول الشيخ الشرنوبى: (يعني إذا فتح لك الفتاح أيها المريد وجهة أي جهة من جهات التعرف وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته كاللطف والقهر وغيرهما، والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها، فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك أي بقلة عملك.. فهمزة أن مفتوحة منسكبة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء المقدرة المتعلقة بتبال.. أي: لا تغتم مع تلك الجهة ولا تهتم بقلة الأعمال.
فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وليستأنف العمل" (1) . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة. وورد: أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده المؤمن: " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل صحيحا مقيما " (2) فصح أنه ما فتحها أي تلك الجهة لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك بواسع فضله عليك. ولا شك أن هذا أعظم من كثرة الأعمال التي تطالب بوجود سر الإخلاص فيها.)
(1) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى هريرة وصححه.
(2) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى موسى الأشعرى وصححه.

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم(7)


سلسلة شرح الحكم العطائية
الحكمة رقم 7:
"لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود، وإن تعين زمنه، لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك وإخمادا لنور سريرتك".
شرح الحكمة: يقول الشيخ الشرنوبى : (هذه الحكمة أعمُّ مما قبلها ، فإن الموعود به في تلك خصوص الإجابة، وفي هذه أعمُّ؛ لأنه يشمل ما إذا كان الوعد من الله بإلهام رحماني، بأن ألهمك أنه يحصل لك في الوقت الفلاني فتح، أو يحصل في هذا العام كذا، كما يقع لبعض الأولياء، فيخبر بذلك ثم لا يحصل، فإذا حصل لك مثل ذلك، ثم تأخر الموعود به، فلا تشك فيما وعدك الله به، وإن تعيّن زمنه، وبالأولى إذا لم يتعيّن؛ لئلا يكون ذلك الشكّ قَدْحاً، أي: نقصاً في بصيرتك وإخماداً، أي: إطفاءً لنُور سريرتك التي هي عين القلب، فهي مُرادفة للبصيرة، وذلك لجواز أن يكون وقوع ذلك الموعود مُعَلَّقاً على أسباب وشروط لم تحصل، فالعارف من تَأَدَّبَ مع ربِّه، ولم يتزلزل عند تأخر ما وعده به .)

سلسلة شرح الحكم العطائية --الحكمة رقم(6)


سلسلة شرح الحكم العطائية

الحكمة رقم 6:
"لا يَكُنْ تأَخُّرُ أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ.. فَهُوَ ضَمِنَ لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ.. وَفي الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُرْيدُ".

الشرح : يقول الشيخ الشرنوبى : (أي لا يكن تأخر وقت العطاء المطلوب مع الإلحاح أي: المدوامة في الدعاء - موجبا ليأسك من إجابة الدعاء.. فهو سبحانه ضمن لك الإجابة بقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } “ 60 “ (غافر) فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك.. فإنه أعلم بما يصلح لك منك . فربما طلبت شيئا كان الأولى منعه عنك فيكون المنع عين العطاء ، كما قال المصنف فيما يأتي: ربما منعك فأعطاك وربما أعطاك فمنعك.. . يشهد ذلك من تحقق بمقام: {عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} “216 “ (البقرة)، ولذا قال بعض العارفين: ومنعك في التحقيق ذا عين إعطائي.
وكذلك ضمن لك الإجابة في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد ، فكن موسوي الصبر.. فإن الصبر وعدم الاستعجال أولى بالعبيد. ألا ترى أن موسى كان يدعو على فرعون وقومه، وهارون يؤمن على قوله: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} “ 88 “ (يونس) إلى آخر ما قص الله في كتابه المكنون وبعد أربعين سنة حصل المدعو به فقال: {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} “ 89 “ (يونس). ، فقم أيها المريد بما أمرك الله به من الدعاء.. وسلم له مراده . فربما أجابك وادخر لك بدل مطلوبك ما تنال به الحسنى وزيادة.)

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم(5)


سلسلة شرح الحكم العطائية (5)

الحكمة رقم 5:
"اجتهادك فيما ضمن لك.. وتقصيرك فيما طلب منك.. دليل على انطماس البصيرة منك" .

الشرح: يقول الشيخ الشرنوبى: ( يعني: أن اجتهادك أيها المريد في طلب ما ضمن - أي كفل الله لك به من الرزق - بنحو قوله تعالى: { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {، وتقصيرك: أي تفريطك فيما طلب منك من العبادة - بنحو قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } البقرة “ 21 “ . دليل وبرهان على انطماس - أي عمى البصيرة منك - وهي عين في القلب تدرك بها الأمور المعنوية.. كما أن العين الباصرة تدرك بها الأمور الحسية.
و فهم من المصنف: أن دليل انطماس البصيرة هو: اجتماع الأمرين - أعني الاجتهاد في طلب الرزق مع التقصير في العمل - وأخبر عن الأمرين بقوله: “ دليل “ لأن فعيلا يستوي فيه المفرد وغيره، وأما إذا اجتهد في طلب الرزق الحلال من غير تقصير في العبادة فإنه يدخل في حديث : " من بات كالا من طلب الحلال بات مغفورا له").

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (4)

سلسلة شرح الحكم العطائية (4)

الحكمة رقم 4 :
"أرح نفسك من التدبير ، فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك ".

الشرح : أرح نفسك من تعب التدبير المنافي للعبودية بأن تقول: لولا فعلت كذا ما كان كذا.. فإن الله تعالى دبر الأشياء في سابق علمه.. وما قام به غيرك عنك لا تقوم به لنفسك.. فإنك عاجز عن القيام به. وأما التدبير المصحوب بالتفويض للعليم الخبير فلا بأس به.. لقوله صلى الله عليه وسلم: (التدبير نصف المعيشة) رواه السيوطى فى الجامع الصغير. (1)
يقول الشيخ البوطى موضحا: (من يعمل بهذه الحكمة يخرج إلى السوق فيعمل كما يعمل الآخرون، ويقبل على الأسباب التي تنتصب في طريقه فيقدرها.. ويتعامل معها طبق التعاليم الشرعية.. فإذا جاء من يسأله: ماذا تتوقع من وراء أنشطتك وأعمالك هذه، قال له: واجبات كلفني الله بها، أديتها كما طلب. ما الذي سيخلقه الله من وراء ذلك؟
إنه عائد إلى تدبير الله وحكمه. وأنا مستسلم لقضائه راض بحكمه.
هذا هو النهج الإسلامي الذي يذكّر به ابن عطاء الله... تعاملٌ مع الأسباب القائمة، بما يتفق مع الشرع، وتسليم لحكم الله وتدبيره مع ذلك وبعد ذلك.
وبوسعك أن تتبين هذا النهج في حياة قدوتنا المصطفى ..
انظر إلى شأنه يوم هاجر إلى المدينة المنورة مصطحباً معه صاحبه أبا بكر رضي الله عنه..
تعامل في هجرته هذه مع الأسباب كلها، حتى لكأنه يوقن بأنها الشرط الذي لا بدّ منه لنجاح هجرته..
خرج متخفياً، ترك علياً رضي الله عنه ينام في فراشه.. حتى يظن المشركون أنه رسول الله فلا يتعقبونه ويبحثون عنه، ترك راعي أبي بكر يسير بأغنامه وراءهما لتعفي الأغنام على آثار مشي رسول الله وصاحبه، أقاما ثلاثة أيام في غار ثور، ريثما ينقطع الطلب في الطرقات عنهما، عهدا إلى رجل من المشركين مأمون الجانب أن يلقاهما في ميقات معين عند غار ثور، وهو (عبد الله بن أريقط) ليدلّهما على الطرق الخلفية إلى المدينة.. فهذا هو التعامل التام مع الأسباب.)

سلسلة شرح الحكم العطائية -الحكمة رقم (3)


سلسلة شرح الحكم العطائية (3)

الحكمة رقم 3 :
"سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار".
الشرح : يقول الشيخ الشرنوبى: ( يعني: أن ما قدره الله في الأزل لا تُخرق أسواره المحيطة به.. فضلا عن أن تصل إليه سوابق الهمم.. أي لهمم السوابق وهي قوى النفس التي تنفعل عنها الأشياء بإرادة الله تعالى.. وتكون للولي كرامة.. ولغيره - كالساحر والعائن ( الحاسد بعينه )- إهانة ، وفيه تشبيه الأقدار بمدينة لها أسوار في الصيانة والحفظ على سبيل المكنية ، أي يجب عليك أيها المريد أن تعتقد أن الهمم أسباب عادية لا تأثير لها.. وما ينشأ عنها إنما هو بقضاء الله تعالى وقدره فيكون عندها لا بها ، فإرادتك خلاف ما أراده مولاك لا تجدي نفعا ولا تأثيرَ لها في الحقيقة حتى تظن أنها توجب لك رفعا.)

سلسلة شرح الحكم العطائية -الحكمة رقم (2)


 سلسلة شرح الحكم العطائية:
 الحكمة رقم (2) :
"إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية ، وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية".
الشرح : لنفهم قول ابن عطاء علينا أن نفهم الفرق بين حالتين : حالة الأسباب وحالة التجريد.

يقول الشيخ البوطى : (الأولى – أى حالة الأسباب - أن يجد نفسه متقلباً تحت سلطان من عالم الأسباب، فأينما تحرك وجد نفسه أمام أسباب لا مناص له من التعامل معها. فهذه التي تسمى حالة الأسباب.

والثانية – أى حالة التجريد- أن يجد نفسه معزولاً عن سلطان الأسباب، ليس له سبيل إليها، إذ تكون بعيدة عن متناوله وعن المناخ الذي أقامه الله فيه. وتسمى حالة التجرد أو التجريد.)

ثم يضرب الشيخ البوطى مثالا ليفرق بين الحالتين: (مجموعة من الناس توجهوا حجاجاً إلى بيت الله الحرام. أما البعض منهم فمتحررون من سائر القيود والتبعات والمسؤوليات، متفرغون لأداء هذه الشعيرة، مقبلون إلى مزيد من العبادات والقربات. وأما بعض منهم فأطباء أنيطت بهم مسؤولية الرعاية الجسمية للحجيج ومعالجة من يتعرضون منهم للآلام أو الأسقام، أو متعهدون أنيطت بهم مسؤولية توفير عوامل الراحة والحاجات التي لا بدّ منها لهم.
أما الطائفة الأولى: فهي تمرّ من الوضع الذي هي فيه بما سماه ابن عطاء الله: حال التجرد أو التجريد، فالمطلوب منها أن تقبل إلى ما قد فرغها الله له من كثرة العبادات والقربات والأذكار والاستزادة من النوافل.
وأما الطائفة الثانية: فهي تمرّ من الوضع الذي هي فيه بما سماه ابن عطاء الله: مرحلة الإقامة في الأسباب. فالمطلوب من أفراد هذه الطائفة التعامل مع الأسباب التي أقامهم الله فيها وألزمهم بها. فالطبيب منهم مكلف برعاية الكتلة التي كلف بالسهر على صحتها ومعالجة المرضى وأولي الأسقام فيها. ومتعهدو الخدمات الأخرى مكلفون بالقيام بما قد تعهدوا به على خير وجه.
فلو أن أحدهم تناسى المسؤولية التي أنيطت به، إذ أقامه الله سبباً لإحدى الخدمات الكثيرة للحجيج، وأمضى أوقاته كلها أو جلّها في البيت الحرام طائفاً ساعياً راكعاً ساجداً يتلو القرآن ويكرر الأذكار والأوراد، مهملاً سببيته التي أقامه الله عليها في خدمة المحتاجين وتطبيب المرضى، فهو مفتئت على شرع الله عابث بنظام هديه، ذلك لأن الله أقامه من الوضع الذي هو فيه، في عالم الأسباب، فتجاهله تناساه مصطنعاً لنفسه حالة التجرد التي هو، بحكم الشرع الإسلامي، بعيد عنها.)
وبذلك يتضح لنا المعنى الذى أراده ابن عطاء ، وهو أن المؤمن عليه أن يرضى بالحالة التى أقامه الله فيها ، فإن أقامه الله فى عالم الأسباب فعليه أن يرضى بقسمة ربه ولا يترك عالمه مريدا للتجرد ، وإن أقامه الله فى عالم التجريد فعليه حينئذ أن لا يطلب عالم الأسباب.

سلسلة شرح الحكم العطائية -الحكمة رقم (1)

                                                سلسلة شرح الحكم العطائية:
                                                      الحكمة رقم 1 : 

   "من علامة الاعتماد على العمل ، نقصان الرجاء عند وجود الزلل".

الشرح : يقول لنا ابن عطاء فى هذه الحكمة: أنه لا يجب على العاقل أن يعتمد على عمله كى ينال رضا الله والجزاء الذى وعده الله به، بل العاقل هو من يعتمد على كرم الله ورحمته ولطفه لا على عمله.

ودليل ذلك من السنة: هو ما رواه البخارى فى صحيحه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (اعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة).

ثم يوضح لنا ابن عطاء علامة من علامات الاعتماد على العمل فيقول: ومن أبرز الدلائل على اعتمادك على العمل لا على فضل الله: نقصان رجائك بعفوه تعالى عند تلبسك بالزلل - أي عندما تتورط في المعاصي والموبقات -، إن هذا يعني: أنك عندما كنت ترجو كرم الله وعطاءه إنما كنت تعتمد في ذلك على عملك.. فلما قلَّ العمل وكثرت الذنوب غاب الرجاء!! فهذا هو المقياس الدال على أنك إنما تعتمد في رجائك على عملك لا على فضل الله سبحانه وتعالى وكرمه.

وهذا لا يتعارض مع قوله عز وجل : (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) لأن العمل لا يكون معتبرا إلا بالقبول من الله عز وجل ، والقبول فى ذاته من كرم الله وفضله، فصح أن يكون دخول الجنة بفضل الله ورحمته.
 

الجمعة، 20 مايو 2016

سلسلة شرح الحكم العطائية -الحكمة رقم (12)

سلسلة شرح الحكم العطائية
                                                     
الحكمة رقم (12)

"ما نفع القلب شيء مثل عزلة، يدخل بهاا ميدان فكرة".
الشرح منقول من شرح الشيخ الشرنوبى بتصرف: (أي: ما نفع قلب المريد شيء من الأشياء المطهرة له من الغفلات مثل عزلة عن الخلق يدخل بها ميدان فكرة.. أي تفكر في مصنوعات بارئ الأرض والسماوات. وإضافة ميدان لفكرة من إضافة المشبه به للمشبه.. أي فكرة شبيهة بالميدان لتردد القلب فيها كتردد الخيل في الميدان. وفي الأثر: " تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ".. وذلك لأنه يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء.. وتزداد به معرفة الله.. ويطلع به المتفكر على خفايا آفات النفس ومكائد الشيطان وغرور الدنيا . والعزلة التي ينشأ عنها هذا الفكر أحد أركان الطريق الأربعة المجموعة في قول بعضهم:
(بيت الولاية قسمت أركانــه ** سادتنــا فيه من الأبــدال
ما بين صمت واعتزال دائم ** والجوع والسهر النزيه الغالي)
ويوضحها قول الإمام أحمد بن سهل:( أعداؤك أربعة: الدنيا وسلاحها الخلق وسجنها العزلة، والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع، والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر، والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت.)
واعلم أن الشأن في العزلة أن تكون بالقلب.. والقالب بأن يتباعد صاحبها عن الخلق. وقد تكون بالقلب فقط بأن يختلط بجسمه معهم مع تعلق قلبه بالحق كما قالت رابعة العدوية في مقام المشاهدة القلبية:
(ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ** وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجســم مني للجليــس مؤانس ** وحبي بقلبي في الفؤاد أنيسي)).