الاثنين، 23 مايو 2016

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (8)


سلسلة شرح الحكم العطائية
الحكمة رقم (8):
"إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها أن قل عملك، فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك !!، والأعمال أنت مهديها إليه !!، وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك ؟".
الشرح: يقول الشيخ الشرنوبى: (يعني إذا فتح لك الفتاح أيها المريد وجهة أي جهة من جهات التعرف وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته كاللطف والقهر وغيرهما، والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها، فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك أي بقلة عملك.. فهمزة أن مفتوحة منسكبة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء المقدرة المتعلقة بتبال.. أي: لا تغتم مع تلك الجهة ولا تهتم بقلة الأعمال.
فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وليستأنف العمل" (1) . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة. وورد: أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده المؤمن: " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل صحيحا مقيما " (2) فصح أنه ما فتحها أي تلك الجهة لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك بواسع فضله عليك. ولا شك أن هذا أعظم من كثرة الأعمال التي تطالب بوجود سر الإخلاص فيها.)
(1) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى هريرة وصححه.
(2) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى موسى الأشعرى وصححه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق