السبت، 22 يوليو 2017

سلسلة شرح الحكم العطائية الحكمة رقم " 42 "


سلسلة شرح الحكم العطائية.. الحكمة رقم " 42 ":

"لا ترحل من كون إلى كون فتكون كحمار الرحى يسير.. والذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه, ولكن ارحل من الأكوان إلى المكون { وأن إلى ربك المنتهى }” 42 “ النجم

وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: " فمن كانت هجرته إلى االله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . فافهم قوله عليه الصلاة و السلام, وتأمل هذا الأمر أن كنت ذا فهم. أي: لا تطلب بأعمالك الصالحة عوضا ولو في الآخرة. فإن الآخرة كون كالدنيا والأكوان متساوية في أنها أغيار, وإن وجد في بعضها أنوار بل اطلب وجه الكريم المنان الذي كون الأكوان وفاء بمقتضى العبودية وقياما بحقوق الربوبية لتحقق بمقام: { وأن إلى ربك المنتهى } ” 42 “ النجم. وهذا مقام العافين الذين رغبوا عن طلب الثواب ومحضوا النظر إلى الكريم الوهاب فتحققوا بمقام الإخلاص الناشئ عن التوحيد الخاص. وأما من فر من الرياء في عباداته وطلب بها الثواب فقد فر من كون إلى كون بلا ارتياب فهو كحمار الرحى أي
الطاحون يسير ولا ينتقل عما سار منه لرجوعه إليه. وفي هذا التشبيه التنفير عن هذا الأمر ما لا مزيد عليه وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله " أي نية وقصدا " فهجرته إلى الله ورسوله " أي وصولا. فلم يتحد الشرط والجزاء في المعنى . فقوله : " فهجرته إلى الله ورسوله " هو معنى الارتحال من الأمر بمصاحبة من يدلنا على الله بترك الأكوان إلى المكون وهو المطلوب من العبد. وقوله: " فهجرته إلى ما هاجر إليه " هو البقاء مع الأكوان وهو المنهي عنه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق