الاثنين، 23 مايو 2016

سلسلة شرح الحكم العطائية--الحكمة رقم (12)


سلسلة شرح الحكم العطائية

الحكمة رقم (12):
"ما نفع القلب شيء مثل عزلة، يدخل بهاا ميدان فكرة".
الشرح منقول من شرح الشيخ الشرنوبى بتصرف: (أي: ما نفع قلب المريد شيء من الأشياء المطهرة له من الغفلات مثل عزلة عن الخلق يدخل بها ميدان فكرة.. أي تفكر في مصنوعات بارئ الأرض والسماوات. وإضافة ميدان لفكرة من إضافة المشبه به للمشبه.. أي فكرة شبيهة بالميدان لتردد القلب فيها كتردد الخيل في الميدان. وفي الأثر: " تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ".. وذلك لأنه يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء.. وتزداد به معرفة الله.. ويطلع به المتفكر على خفايا آفات النفس ومكائد الشيطان وغرور الدنيا . والعزلة التي ينشأ عنها هذا الفكر أحد أركان الطريق الأربعة المجموعة في قول بعضهم:
(بيت الولاية قسمت أركانــه ** سادتنــا فيه من الأبــدال
ما بين صمت واعتزال دائم ** والجوع والسهر النزيه الغالي)
ويوضحها قول الإمام أحمد بن سهل:( أعداؤك أربعة: الدنيا وسلاحها الخلق وسجنها العزلة، والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع، والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر، والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت.)
واعلم أن الشأن في العزلة أن تكون بالقلب.. والقالب بأن يتباعد صاحبها عن الخلق. وقد تكون بالقلب فقط بأن يختلط بجسمه معهم مع تعلق قلبه بالحق كما قالت رابعة العدوية في مقام المشاهدة القلبية:
(ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ** وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجســم مني للجليــس مؤانس ** وحبي بقلبي في الفؤاد أنيسي))

0 التعليقات:

إرسال تعليق